الرئيس الأمريكي دونالد ترامب غير راض عن قوة الدولار الأمريكي أمام باقي عملات العالم الرئيسية، فأحد أهم الوعود التي أطلقها خلال حملته الانتخابية تحت شعار” أمريكا أولا”، هو إعادة الصناعة والشركات الأمريكية إلى سابق عهدها من التفوق والسيطرة، ومن المؤكد أن الدولار القوي سوف يشكل عائقا كبيرا أمام تحقيق هذا الهدف. حيث سيقلل من تنافسية سلع الشركات الأمريكية التي ستكون أسعارها مرتفعة بسبب قوة الدولار.
العمل على إضعاف الدولار:
قبل فترة وجيزة من تنصيبه رئيسا صرح دونالد ترامب بأن “الدولار أقوى من اللازم أمام العملة الصينية”، وأشار أيضا إلى المكسيك، وشرح أن من أهم أسباب العجز مع المكسيك والصين هو قوة الدولار وبأنه لن يقبل بهذا. وأصر في العديد من المناسبات أن قوة الدولار من أهم أسباب اتساع العجز الأمريكي في الميزان التجاري والذي وعد خلال حملته الانتخابية بالعمل على تقليصه.
منذ تنصيبه رئيسا توالت التصريحات الصادرة عن المسؤولين في إدارة ترامب حول هذا الموضوع، خاصة وزير الخزانة ستيفن منوتشين في شهادته أمام لجنة المالية في الكونجرس أين عبر أثناءها على نفس فكرة الرئيس ترامب قائلا:” الدولار مرتفع جدا جدا”، وأخيرا الاتهامات التي وجهها أحد مستشاري ترامب الاقتصاديين لألمانيا باستغلال ضعف اليورو على حساب الشركات الامريكية.
ومنذ أيام أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنها تدرس إمكانية “معاقبة المتلاعبين في العملات”. وحسبما نقلت محطة “سي.ان.بي.سي” فإن إدارة الرئيس ترامب “تعكف على تقييم مدى قدرتها على معاقبة الدول التي تعتقد أن عملاتها مخفضة لما دون قيمتها الحقيقية.” ولم يتضمن التقرير تفاصيل عن كيفية تنفيذ ذلك.
من الواضح أن إدارة ترامب تريد تخفيض الدولار، ولقد تفاعل هذا الأخير مع سياسة الإدارة الجديدة بشكل متذبذب ( لمن يريد الاستفادة من هذا التذبذب هم عملاء الفوركس ) ارتفاعا وهبوطا في عدة مناسبات سنحاول رصدها في بقية المقال.
الدولار يرتفع بسبب ترامب!
بعد فوز ترامب بالانتخابات الأمريكية، شهدت اسواق الاسهم الامريكية موجة ارتفاعات كبيرة نتيجة ارتفاع الآمال بعد الوعود التي كان قد أطلقها ترامب خلال الحملة الانتخابية بتخفيف القيود القانونية والضرائب على الشركات الأمريكية اضافة الى زيادة الانفاق العام لتجديد البنية التحتية للبلاد.
الطلب الكبير على الاسهم الامريكية من مختلف المستثمرين في العالم زاد من الطلب على الدولار الأمريكي حتى وصل إلى أعلى مستوياته أمام اليورو خلال 14 عاما، طبعا هذا الارتفاع في الدولار لم يكن بسبب وعود ترامب وحدها، فرفع سعر الفائدة كان له تأثير مهم أيضا.
قمة مجموعة العشرين:
تراجع الدولار الأمريكي أثناء انعقاد قمة مجموعة 20 حيث سيطر موضوع السياسات الحمائية للرئيس الأمريكي على المحادثات وعبر الكثيرون عن قلقهم بشأن العلاقات الدولية بين الولايات المتحدة والأعضاء الآخرين، إضافة إلى قلق الرئيس الأمريكي بشأن قوة الدولار الأمريكي. البيان الرسمي بعد الاجتماع تجنب ذكر موضوع حرب العملات على عكس المرات السابقة. ويرى المحللون أن الأمر كان مقصودا من أجل تجنب المواجهة مع الولايات المتحدة.
وحذرت الصين وأوروبا الولايات المتحدة من اللجوء إلى مزيد من الحمائية، وذكرت صحيفة فايننشال تايمز أن الاتحاد الأوروبي يمكن أن يقاضى الولايات المتحدة في منظمة التجارة العالمية إذا فرضت ضريبة الحدود.
قال وزير الخزانة الأمريكي “ستيفن منوتشين” إن الولايات المتحدة لا تزال تؤمن بالتجارة الحرة لكنها ترغب في إعادة النظر في اتفاقيات معينة وتصحيح بعض الأمور وذلك بعد أن تراجع المسؤولون الماليون في مجموعة العشرين عن تعهدات سابقة بشأن التجارة.
الدولار يهبط بعد فشل قانون ترامب للرعاية الصحية:
تراجع الدولار الأمريكي بعد فشل الرئيس الاميركي دونالد ترامب في تمرير مشروع الرعاية الصحية في الكونجرس الأمريكي. بعد تزايد المخاوف حول قدرته على تحقيق وعوده الاقتصادية خاصة المتعلقة منها بخفض الضرائب على الشركات، ورفع الإنفاق الفيدرالي على تجديد البنية التحتية.
ولكن تنفيذ هذه الوعود لن يتم بدون موافقة السلطة التشريعية في مجلسي الشيوخ والنواب، اللذين يسيطر عليهما الجمهوريون، وهو الأمر الذي عزز من موقف دونالد ترامب في الماضي ولم تكن هناك شكوك قوية حول إمكانية فشله.
الفكرة الرئيسية لما حدث وزادت من مخاوف الأسواق، هي أن الجمهوريون من أشد الرافضين لقانون الرعاية الصحي الحالي والذي يعرف باسم “أوباما كار”، ورغم ذلك لم يتمكن ترامب من تمرير القانون الجديد كما جاء في تحليل على موقع ufx.com (يو اف اكس).
السؤال الجوهري هو، إذا لم يستطع الرئيس تمرير قانون يحظى بالإجماع داخل الحزب الجمهوري فكيف سيكون الأمر عندما يتعلق بقوانين خلافية، مثل زيادة الإنفاق العام وبالتالي الدين الأمريكي العام أو قانون الضرائب.
دونالد ترامب أطلق الكثير من الوعود خلال حملته الانتخابية، والتي لا تحظى بالكثير من الإعجاب داخل الولايات المتحدة وخارجها. ومحاولة تنفيذ هذه الوعود والسياسات ليس مفروش بالورود، وليس من الواضح بالضبط كيف سيكون تأثير ذلك على قيمة الدولار الأمريكي، لكن الشيء المؤكد ان التذبذب وتقلب السعر سيبلغ أعلى مستوياته.