يعد التطور التكنولوجي الهائل الذي غزا كل شيء خطوة فارقة في حياة ألعاب القمار الإلكتروني، فبات الآن بإمكان أي شخص في أي مكان في العالم أن يصل إلى ألعاب قمار حقيقي أون لاين، دون أن يتكبد عناء الذهاب لصالات القمار الممنوعة في بعض الدول، وذلك من خلال مواقع الكازينو الموجودة على الإنترنت سواء عن طريق الكمبيوتر أو كازينوهات الهاتف النقال، والتي أصبح من السهل جداً الوصول إليها وهو جالس في منزله، وتحقيق أفضل ربح منها، كما أصبح من المتاح أمام الجميع الاشتراك في كازينوهات عالمية لها باع كبير في مجال المراهنات، وتقدم لهم مميزات حصرية لا تجد مثلها في أرض الواقع، وذلك لجذبهم والإيقاع بهم في فلك دائرة الإدمان على مثل تلك الألعاب.
وتعد تونس هي الدولة الأولى عربيا في الانغماس في هذا النوع من ألعاب القمار والمراهنات حسب العديد من الدراسات التي أجراها الباحثين في الآونة الأخيرة، فمع تفاقم البطالة وجد الشباب بغيتهم في البحث عن الثراء السريع في مثل تلك الألعاب التي تدر الأموال بضغطة زر واحدة، كما انتشرت في الآونة الأخيرة لعبة أشبه بالقمار في الفنادق ومراكز التسوق في أبو ظبي، واستقطبت العديد من المواطنين غالبيتهم من الشباب المراهقين، وقد أوضح العديد من المواطنين أن هذه اللعبة تحولت إلى ظاهرة بارزة داخل المراكز والصالات المخصصة للأجهزة الإلكترونية، وهي مبرمجة على لعبة البوكر أون لاين الأمريكي.
وتعتمد هذه اللعبة في الأساس على أن يقوم اللاعب المشترك بشراء عدد افتراضي النقاط، وليكن 2000 نقطة بمبلغ مالي لا يقل في العديد من محال ألعاب الكازينو عن100 درهم إلى 500 درهم، وبعد أن يشتري اللاعب هذا العدد من النقاط يقوم عامل المحل بتعبئة الجهاز بقيمة النقاط، ويبدأ اللاعب لعبته بضغطة زر تظهر معها خمسة كروت ورقية مختلفة عليه التوليف بينها، والاختيار من بين بعض الورقات المخفية، ويبدأ اللاعب في الخسارة المتتالية لنقاطه التي اشتراها، وإن فاز في النهاية بعد خسارته المتعددة، وتكبده العديد من الأموال في شراء النقاط تكون جائزته عينية كموبايل أو قطعة ذهب يتم وضعها في صندوق زجاجي وعليها قيمة النقاط التي يجب أن يحرزها اللاعب، وذلك ما هو إلا محاولة للخروج عن إطار ألعاب المقامرة التقليدية، وإضفاء مظهرًا أخر عليها.
اقرأ أيضا عن : كازينو عربي Casino Arabiأفضل مواقع الكازينو أون لاين في العالم العربي
ويعد انتشار هذه الألعاب بصورة فجة في صالات الانتظار والنوادي والمولات التجارية أمرًا يهدد السلام الاجتماعي والأسري، خصوصًا عند انتشارها بين أوساط المراهقين الذين لا يقدرون تبعاتها وعواقبها، فإدمان القمار ما هو إلا مرحلة من مراحل المرض النفسي التي تدفع بصاحبها لممارسة اللعبة دون أي سيطرة على، وهو الأمر الذي يفسر اعتياد الكثيرين اللعب رغم ما يتكبدوه من خسائر مستمرة، ولكن يظل هناك دائما بداخلهم شيء يمنيهم بالفوز القادم، وهو ما تفعله تلك الألعاب من ربط اللاعب نفسيًا بها، والشخص المراهق هو أكثر فريسة مناسبة لتلك الألعاب، فمع حداثة سنه وقلة خبراته، ونزعته للهو وإضاعة الوقت، وإضفاء روح التحدي التي تجيدها تلك الألعاب يستثار المراهق، ويرتبط بها بشكل كبير، وهذا في حد ذاته خطر كبير لأنه سيحاول توفير الأموال بشتى الطرق لممارسة لعبته المعتادة، فقد يسرق أو يمارس بعض الأعمال الغير مشروعة لتوفير هذا المال.
والغريب في الأمر هو إدعاءات أصحاب هذه المولات والمحلات التجارية أن هذه مجرد ألعاب للترفية وهي ليست قمار مائة بالمائة، كما أنها مجرد وسيلة لتنشيط السياحة ومصرح بوجودها من قبل غرف التجارة والصناعة وهيئة السياحة، وأنها مباحة طالمًا لا يتأذى منها أحد!، وهذا يتناقض مع الواقع الذي يؤكد ارتفاع معدلات الجريمة نتيجة الانغماس في مثل تلك الألعاب، فبحسب التشريعات الدينية القمار هو القمار مهما تعددت أشكاله وأنواعه، حيث أن الشرع لم يحدد فيه ضرورة توافر شخصين أو أكثر لممارسة اللعبة، فقد يغني وجود جهاز إلكتروني عن لاعب منافس، فالنتيجة واحدة هي أكل أموال الناس بالباطل دون وجه حق، أو مكسب سريع دون بذل أي جهد، أو ضياع الوقت والمال على عبث لا فائدة منه، كما أن الدين بكل شرائعه لم يحدد حصول الفائز على أموال نقدية، وإنما قد تغني الأشياء العينية كالهاتف أو الساعة أو القطعة الذهبية عن الأموال النقدية فهي نفس القيمة مهما كبرت أو صغرت.
بقلم: يوسف لكليتي L VYK