من المعروف تاريخيا أن أسعار النفط الخام في الغالب ترتفع خلال النصف الأول من العام، لكن العكس هو الذي حدث في العام الجاري حيث انخفضت الأسعار بأكثر من 20% من أعلى مستوى لها عند بداية العام، لتسجل بذلك أسوأ أداء نصف مستوى منذ سنة 1998.
هذه الانخفاضات وخاصة في الشهرين الأخيرين كانت مدفوعة بعاملين رئيسيين، الأول هو استمرار ارتفاع وتيرة نمو القطاع النفط الصخري في الولايات المتحدة سواء انتاج الذي وصل إلى حدود 9.3 مليون برميل في اليوم وهو رقم قياسي جديد.
من ناحية أخرى استمرار نمو عدد منصات الحفر العاملة، التي وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2015، وهذا يعني مزيد من النفط في المستقبل القريب.
العامل الثاني الذي ضغط أعلى أسعار النفط هو ارتفاع إنتاج منظمة أوبك خلال شهر مايو/أيار حسب بيانات من مصادر محايدة، في حدود 336100 برميل في اليوم، ليبلغ الإنتاج الكلي للمنظمة 32.1 مليون برميل في اليوم.
هذه الزيادة في الإنتاج، جاءت بعد ارتفاع إنتاج كل من ليبيا ونيجيريا العضوين في منظمة أوبك، لكنهما غير معنيين باتفاق خفض الإنتاج.
وارتفع الإنتاج الليبي بأكثر من 178 ألف برميل في اليوم ليبلغ 730 ألف برميل، بعد عودة بعض حقول النفط إلى العمل، والتي كانت توقفت بسبب ظروف الحرب الأهلية.
من جهتها رفعت نيجيريا إنتاجها بمقدار 174 ألف برميل في اليوم، ليبلغ إنتاجها الكلي 1.68 مليون برميل.
كما أظهرت البيانات عدم التزام الكثير من الدول بحصتها من الإنتاج، وخاصة العراق الذي أنتج 44 ألف برميل في اليوم كفائض.
وقال “دان يارجين” رئيس شركة الأبحاث “آي. إيتش. أس ماركيت”:” منتجو النفط الصخري في الولايات المتحدة الأمريكية ما فتئوا يخفضون تكاليف الإنتاج، وليبيا ونيجيريا ما فتئت عن إنتاج المزيد من النفط.” وأضاف: ” يبدو أن العالم يحقق تقدما نحو إعادة التوازن إلى السوق، لكن هذين العاملين يقفان حجرة في الطريق “.
وقال أمين قسوم محلل أسواق المال: “ان النفط سوف يبدأ قريباً مشوار تحركات قوية وسريعة والتي سوف تكون سبباً بأرباح الكثير من المتداولون حول العالم”
جولدمان ساكس يخفض توقعاته لأسعار النفط:
في اليوم الأخير من شهر يونيو/ حزيران أصدر بنك غولدمان ساكس تقريره الفصلي حول أسواق النفط، حيث أعلن محللوا البنك تخفيض توقعاتهم لمستوى أسعار النفط خلال الربع الثالث من العام الجاري، على خلفية استمرار نمو قطاع النفط الصخري في الولايات المتحدة وأيضا ارتفاع إنتاج ليبيا ونيجيريا من النفط.
وأشار البنك الاستثماري إلى سعر 47.5 دولار للبرميل بالنسبة لخام غرب تكساس، تراجعا من التوقعات السابقة للبنك التي كانت في حدود 55 دولار للبرميل.
وبعد الحديث وشرح العاملين السابقين، قال التقرير “هذا خلق مخاطر، وصعوبات في طريق أوبك هدفها نحو إعادة التوازن إلى السوق، وخفض الاحتياطيات الاستراتيجية العالمية من النفط الخام”.
لذلك فإن البنك يرى أن أسعار النفط سوف تتراوح في حدود 45 دولار للبرميل، حتى ظهور دلائل على تراجع في عدد منصات الحفر في الولايات المتحدة، أو انخفاض في حجم الاحتياطيات الاستراتيجية أو قيام منظمة أوبك بمزيد من عمليات التخفيض في الإنتاج.